الجامع الكبير أو المسجد الأعظم
في عهد المومن بن على الموحدي تم بناء الشطر الأول من المسجد المعروف بالجامع الكبير سنة 542 هـ وفي عهد المرينيين زيدت في المسجد المذكور زيادات مهمة : أربع بلاطات في قبلته وبلاطان شرقي و غربي مع إصلاح صحنه الذي كان قريب السقوط، وكان الفراغ منه في أواخر شوال: 691 هـ وقد أمر أبو يعقوب يوسف بتعليق الثريا الفريدة من نوعها سنة 694 هـ، وهي ثريا نحاسية ضخمة بديعة الصنع، يعجب المشاهد كثيرا بشكلها المخروط وبعظمتها. ويقابل محراب هذا المسجد العظيم جرس زيدت فيه بعض الدوائر النحاسية المنقوشة فأصبح على شكل ثريا صغيرة الحجم. هذا وقد قال بعض الشعراء في محراب هذا الجامع وفي الثريا.
والجدير بالذكر هنا أنه أثناء إدخال بعض الإصلاحات على المسجد الأعظم أخيرا، أحيطت الثريا بسياج خشبي مزخرف من جميع جهاتها، ثم إن الصورة لا تظهر إلا صومعة المسجد وجزءا صغيرا من صحنه الواسع، كما أن خزانة المسجد الأعظم كانت من قبل في مقصورة باردة، ثم حولت إلى مكان قرب الصحن، بحيث أصبحت صالحة للاستفادة من مخطوطاتها القيمة.
والجدير بالذكر أيضا أن المسجد الأعظم لم يكن له هذا الدور الثقافي الإسلامي في بعض العصور فقط، بل كان له دور وطني كبير ايام الاستعمار الفرنسي، ولا يمكن الحديث هذا الدور الوطني إلا بالحديث عن الدور الذي لعبته زاوية مولاي الطيب بتازة العليا، إذ الارتباط بينهما في هذه الفترة الاستعمارية الحرجة قوي، والحديث عن دورهما الوطنية يكفي فيه حديث عابر ولهذا فإني أرجئ الحديث عن هذا الدور في آخر هذا التعريف المختصر عن الهندسة المعمارية لهذه المدينة العتيقة، وذلك بتخصيص ملحق يشير بإجمال مركز إلى هذا الدور الوطني المشرف، والله المعين والهادي إلى سواء السبيل وهذه الصورة تظهر جانبا صغيرا من جوانب صحنه الواسع الذي يوجد في وسطه مكان خصص للوضوء، كما تظهر بعض أبوابه المقومة والمزينة أعلاها بالقرميد الأخضن وحبذا لو بقيت الصومعة على لونها القديم حتى لا يفهم الزائر أنها حديثة العهد بالبناء. وقد كان لهذا المسجد دور كبير في نشر الثقافة الإسلامية، بدليل وجود خزانة علمية هامة به، الا يدل وجودها على أنه كانت هناك حركة فكرية ؟ وأن هذا المسجد كان بمثابة جامعة القرويين يؤمه الطلاب من نواحي تازة وغيرها للتزود بالمعرفة. وحينما ترجم العلامة المرحوم عبد الله كنون الحسني الشخصية ابن برير التازي المقرئ في جريدة "الميثاق" عدد : 236 قال عن تازة ما يلي " وكان الوسط العلمي في تازة إبان ذاك منع هرك، بسبب عناية الدولة الجديدة وهي دولة المرينيين بهذه المدينة، لأنها كانت من أوائل المدن التي دخلت في طاعتهم، وصارت بعد ذلك هي وناحيتها منطلقا إلى الغرب، وقد جددوا معالمها وأنشأوا فيها مساجد ومدارس لطلبة العلم ورتبوا بها المدرسين حتى أصبحت ثالثة مدن المغرب الكبرى كما يقول الحسن الوزان وقد كانت من قبل دار علم، ظهر فيها العلماء والأدباء والصوفية الكبار وقد اكتمل مجدها بإمام القراء المغاربة ومعتمدهم أعني مترجمنا هذا (ابن) بري).
ويؤكد هذه الحقيقة ما قاله الدكتور عبد الهادي التازي في مقاله القيم المنشور بمجلة "دعوة الحق عدد 241 ( محرم 1405هـ. / أكتوبر 1984م) حول تاريخ مدينة تازة حيث يقول "وفي الحوالات الحبسية انعكاس لأخبار تازة ونشاطها العلمي والثقافي ثم يقول القد كانت بذلك في صدور القواعد الثقافية الكبرى للمغرب، مثل فاس وسبتة ومراكش وملا ومكناس بل كما رأيناه بالنسبة للقاضي عياض الذي اضطهده الموحدون والذي وجدنا خزانة المسجد الأعظم بتازة تنشأ برسم حفظ كتابه "الشفا".
هذا وقد كتبت بعض الأبيات على خزانة صغيرة يسار محراب المسجد الكبير تقول:
منزل بين الخزائن شـــــــــــــــامخ قد خص من بين الإلاه بمنـــــــزل
حفظا لمجموع الشفا أنشئ عن أمر الخليفة فارس المتوكـــــــل
في عام سبع بعد خمس انقضت وهي سبــع في ربيــــــــع الأول
وينقل الدكتور عبد الهادي التازي عن الوزير الإسحاقي قوله عن تازة: وزرناها فإذا هي مدينة آخذة من الحضارة بطرف، وحصن حصين من المعاقل التي تعقل بها أثر الحسن القديم، وبها جامع كأحسن ما أنت راء من الجوامع سعة وحصانة وبناء متقناً محكم الشكل ولها صحن واسع بهي المنظر ومقصورة فيها عمل عجيب بتخريم الجبس وتنميقه وتقريصه في غاية ما يكون من الإتقان والإحسان وإحكام الصنعة والإمعان وبالمسجد الجامع من المدينة المذكورة منبر عجيب، حسن المنظن محكم الصنعة، رصع بالعاج والأبنوس ترصيعا غريب الصنعة والكل يقول الإسحاقي من عمل ملوك بني مرين". أما الشاعر الباحث المرحوم أبو بكر البوخصيبي فيقول في قصيدة جميلة تحت عنوان" على لسان رباط تازا:
وإن تازة مذ كانت مساجدهــــــــــا وهي للعلم والآداب ميـــــــدان
صان الرشيد وإسماعيل حرمتــــــها وهز أعطافها المولى سليمان
وتوج الحسن الثاني حضارتهــــــــــا وفي الحضارات أشكال وألــوان
به تيمنت الأوطان وانطلقـــــــــــت تبني شعارها تشييد وعمـــــران
قصورها الشامخات الشم من قدم كأنها لمعاني الفن إعــــــــــلان
والجدير بالذكر هنا أن صحن المسجد الواسع البهي المنظر الذي أشار إليه الوزير الإسحاقي قد دفن فيه أحد الملوك، فقد جاء في كتاب "الحلال الموشية ذكر الأخبار المراكشية" لمؤلف انه لسير من أهل القرن الثامن الهجري: "أن السلطان ابن الربيع سليمان بن الأمير أبي عامر عبد الله ابن السلطان ابي يوسف يعقوب كانت وفاته بتازة في مستهل رجب الفرح سنة عشرة وسبعمائة وهو مدفون بصحن مسجدها ولم ينقل.
وقد اعتنى الملوك العلويين بتازة اعتناء كبيرا وبالأخص من الناحية العلمية فحبسوا على خزانة المسجد الأعظم مخطوطات عديدة، وبالأخص سيدي محمد بن عبد الله الذي أوقف على هذه الخزانة العديد من المخطوطات القيمة بالإضافة إلى مولاي إسماعيل ومولاي سليمان رحمهم الله جميعا.
الثريا العجيبة
وقد أمر أبو يعقوب يوسف بتعليق الثريا الفريدة من نوعها بالجامع الكبير سنة 694 هـ، وهي ثريا نحاسية ضخمة بديعة الصنع، يعجب المشاهد كثيرا بشكلها المخروط وبعظمتها، حيث يبلغ ارتفاعها بضعة أمتار وعرضها من الأسفل مترين ونصفا، وتزن 32 قنطار، وعدد كؤوسها 514 وكانت تستعمل للإنارة، وبها نقوش يعجز اللسان عن وصفها نظرا للدقة والخبرة التي امتاز بها الصانع المغربي في ذلك العصر، وقد نقشت عليها آيتان الأولى من سورة النور تبتدئ بعد التعوذ والبسملة من قوله تعالى "الله نور السماوات والأرض" إلى قوله تعالى "والله يرزق من يشاء بغير حساب" والآية الثانية من آخر سورة البقرة تبتدئ بعد التعوذ والبسملة من قوله تعالى "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمومنون" إلى قوله تعالى "فانصرنا على القوم الكافرين".
كما نقش في أسفل دائرتها أبيات شعرية تعرف فيها بنفسها للزائر تقول الأبيات:
يا ناظر في جمالي حقق النظــــــــــرا
ومتع الطرف في حسني الذي بهــرا
أنا الثريا التي تازا بي افتخــــــــــــــرت
على البلاد فما مثلي الزمان يـــــــرى
أفرغت في قالب الحسن البديع كما
شاء الأمير أبو يعقوب إذ أمـــــــــــرا
في مسجد جامع للناس أبدعـــــــــه
ملك أقام بعيون الله منتصـــــــــــرا
له اعتناء بدين الله يظــــــــــــــــهره
يرجو به في جنان الخلد ما ادخـــــــرا
في عام أربعة وتسعون تتبعــــــها
من بعد ست من المئتين قد سـطرا
تاريخ هذي الثريا والدعا لأبـــــــــــــي
يعقوب بالنصر دأبا يصحب الظفــــرا
لازال يوسف والأملاك تخدمــــــــــه
تعنو لعز علاه أنفس الأمـــــــــــــرا
دار المخزن أو المشور
وفي عهد الدولة العلوية الشريفة زحف المولى رشيد بجيوشه العتيدة إلى تازة وبعد أن أغار على دار ابن مشعل اليهودي واقتحمها عليه وصادر أمواله أقيمت له البيعة بها وبنى بها قصرا أسماه دار الخزن كما بنى بها مشورة الذي لا زال قائما لحد الآن.
والجدير بالذكر هنا أن المولى رشيد كان قد أوبر إلى عبد الله محمد اللواتي الصوفي بأحواز تازة والذي كان ينتحل طريقة الفقر وعنه شاهد ابن مشعل في هيئته الملوكية وقام بمساعدة المولى رشيد في القضاء على هذا المتآمر الفتان.
المدرسة الحسنية أو مدرسة المشور
وفي ساحة المشور تظهر باب مدرسة قديمة أنشئت لطلبة العلم، إذ في العهد المريني ازدهرت الثقافة في تازة، بحيث أنشأ بها المرينيون مدارس للطلبة العلم ورتبوا بها المدرسين، يقول ابن مرزوق التلمساني في كتابه التاريخي المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن" الذي يتناول فيه سيرة أبي الحسن المريني وهو مخطوط بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية تحت رقم 111 ثم أنشأ أبو الحسن في كل
بلد من بلاد المغرب الأقصى والمغرب الأوسط مدرسة، وكانت هذه المدارس وما أنشئ بعدها مخصصة لإيواء الطلبة في تازة ومكناس وسلا وطنجة وسبتة وأنفا وأزمور وأسفي وأغمات ومراكش والقصر الكبير وتلمسان وقد كتب على باب هذه المدرسة هذان البيتان:
لعمرك ما مثلي بشرق ومغــــرب يفوق المباني حسن منظري الحسن
بناني لدرس العلم مبتغيا بـــــــــه ثوابــــــا من اللـه الأمير أبــو الحسـن
وتسمى هذه المدرسة بمدرسة المشور وقد أدخلت عليها إصلاحات هامة؛ وأثناء الإصلاح أعيدت كتابة البيتين المذكورين آنفا على الخشب فوق بابها كما كانا منقوشين من قبل وقد وجد المشرفون على الإصلاح صعوبة كبيرة في قراءة البيتين المنقوشين على الخشب القديم، والطابع المغربي واضح فوق بابها. وقد تحولت هذه المدرسة إلى خزانة للعموم تابعة للمجلس البلدي. كما تظهر في ساحة المشور على اليمين باب مدرسة كانت مخصصة للبنات، وقد تحولت في المدة الأخيرة إلى مدرسة قرآنية. وفي آخر الساحة يظهر بناء على شكل اقوام قديمة تؤدي شمالا إلى مسجد الأندلس.
سيدي عزوز
مسجد سيدي عزوز تصلى فيه الصلوات الخمس وهو قريب من المسجد الجامع، وفي الداخل يمين هذا الباب يوجد ضريح هذا الولي والطابع المغرب صيل واضح في هذه الباب لا يحتاج إلى تعليق وقد بنيت وسط هذا الضريح قبة عالية مزخرفة سقفها زخرفة بديعة من الخشب وله باب ثانية يدخل منها المصلون وقد سمیت إحدى الثانويات بتازة العليا بعد الاستقلال بثانوية سيدي عزوز ومن المؤكد أن بناء هذه القبة العظيمة والمزخرفة بعناية فائقة، لا يعقل أن يبنيها سكان تازة الأقدمون لشخص ليست له مكانة علمية، ومع مواصلتي البحث عن الأعلام الذين انجبهم إقليم تازة لم أعثر لحد الآن على مرجع مطبوع أو مخطوط يُعرف به، إلا ما قاله الوزير الإسحاقي الذي زار تازة أثناء رحلة الحج سنة 1143 هـ، فقد قال في مخطوط له بخزانة القرويين تحت رقم: 1255/ك ما يلي:
"وزرنا بتازة من اوليائها الصالحين المشهورين سيدي محمد بن يجبش وسيدي عزوز والسيد علي بن بري التسولي النسب التازي الدار" وهذه فقرة لا تشفي غليل الباحث، بخلاف ابن بري المقرئ وابن يجبش الصوفي، وهما مدفونان بتازة العليا، وسيأتي الحديث عن ضريحيهما الموجودين بتازة العليا، مع الإشارة إلى بعض تراثهما الذي خلفاه، وقد نُقشت فوق القوس المزخرف الآية القرآنية الواردة في سورة "الأنبياء" وهي قوله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" - الآية 30.
ساحة أحراش
ساحة أحراش أو القلب النابض لمدينة تازة العتيقة حيث كان يقام السوق الأسبوعي قبل فترة الحماية. لكن مع دخول الاستعمار تحولت وظيفة هذه الساحة حيث تم في البداية استغلالها وتوظيفها لاستقبال مختلف المرافق العمومية التابعة للسلطات الفرنسية من مقر المقيم العام مرفق مراقبة الشؤون المحلية المحكمة البريد، مقر البلدية، السوق المركزي، المدرسة الجديدة، المستشفى. إلخ. لقد تم توزيع هذه المرافق حول محور رئيسي يفضي إلى باحة أحراش التي كانت تتوسطها نافورة مما جعلها تستقطب مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التركيز على دور الموزع لحركة المرور لقد تكيف قاطنة المدينة مع هذه الوظيفة الجديدة حيث تم استيعابها بشكل يتماشى الدور التكميلي لساحة أحراش مع ساحة" قبة السوق" داخل المدينة العتيقة. والإشارة فإن هذه الساحة شهدت أحداث دامية خلال فترة الحماية حيث لعبت دورا مهما خلال المطالبة بالاستقلال حيث كان السكان يعبرون عن سخطهم للاستعمار وولائهم للسلطان إضافة إلى ذلك يجب أن لا ننسى أن هذه الساحة شهدت لقاءات سعيدة كاستقبالها للمغفور له محمد الخامس خلال زيارته لهذه المدينة إبان الاستقلال كما احتضنت مختلف الاحتفالات بالأعياد الدينية والوطنية التي كانت تقام بهذه الساحة مع العلم أن سكان مدينة تازة جعلوا منها رمزا في مناسبات الأعراس حيث كان من العادات والتقاليد التازية الطواف بالعروسين سبع مرات حول النافورة الرئيسية التي كانت تتوسط الساحة، إلا أنه بعد القيام بالتهيئة الحالية لهذه الساحة وتغيير ملامحها تم حذف هذه النافورة من الذاكرة الجماعية لقاطنة مدينة تازة.
البستيون
وفي العصر السعدي وبالضبط في عهد المنصور الذهبي تم بناء برج البستيون الضخم الذي يشرف على الناحية الشرقية ويشتمل على عدة مستودعات للزاد والماء والعتاد الحربي وبه ممر يبلغ خمسة أمتار وبداخله سارية عظيمة يطلق عليها لحد الآن "سارية السبع"، وبعد هذا الحصن أو البرج من أبرز منشآت السعديين الحربية.
عقبة بوقلال
من منا لا يتذكر الأيام الخالدة لهذا المجال الذي ترك أثرا عميقا في ذاكرة قاطنة مدينة تازة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. لقد كان فضاء بوقلال يستقطب جل المسافرين والراحلين عن مدينة تازة وعابريها.
لقد شكل فضاء بوقلال نقطة تحول لدى مختلف التازيين الذين تركوا مدينتهم وغادروها إلى مدن أخرى حيث كانوا يضطرون إلى المرور بهذا الفضاء لركوب الحافلة والمغامرة في اتجاه عالم جديد أو مدينة جديدة عليهم. من منا لا يتذكر تلك الحافلات ذات "الأنف الطويل" واللون الأحمر التي كانت تربط مدينة تازة بالمدن الأخرى.....إلخ.
مقهى الباشا
كانت مقهى الباشا - أيام الاستعمار تطل على مناطق خضراء تعجب الناظرين حيث أشجار الزيتون وأشجار الفواكه وغيرها تغطى مساحات واسعة، كما كانت أشجار أخرى غير مثمرة مغروسة على جوانب شارع مولاي يوسف الحالي وكان الاستعمار الفرنسي يمنع منعا باتا البناء في هذه البساتين الخضراء حفاظا على البيئة من التلوث.
وظلت هذه المناطق خضراء مدة طويلة بعد الاستقلال لكن زيادة عدد سكان المدينة اضطر المشرفين على الشأن العام إلى السماح بإحداث تجزئة سكنية في هذه المناطق الخضراء دون سن قانون يلزم اصحاب هذه التجزئة ترك مساحات واسعة خضراء بدون بناء، واليوم حين تجلس في هذه المقهى او تقف في أعلى باب الجمعة فإنك تجد كما في الصورة جل المناطق الخضراء قد تحولت إلى بنايات سكنية أو عمارات عالية، بعضها بقصد السكن وبعضها للاستغلال التجاري، وبعضها للمصالح الإدارية المستحدثة، وقد أدى هذا الزحف البنائي إلى تلوث البيئة بجميع مظاهرها، حيث انقرضت كثير من الأشجار المثمرة وكثير من الأشجار المظللة، ولا شك أن الهواء الذي نستنشقه - وهو ضروري لحاجاتنا - ليس نقيا مائة في المائة، بسبب تلوث الجو بدخان السيارات والشاحنات ومداخن المعامل والمصانع، فيجب أن نكثر من غرس الأشجار ونحافظ على الموجود منها، إذ يدخل في المحافظة على البيئة الاعتناء بغرس الأشجان وقد اعتنى الإسلام بهذا الجانب، وقد وردت في القرآن آيات تشير إلى بعض منافع الأشجان وذلك حينما تحدث الله عن بعض مظاهر قدرته، فقال تعالى في سورة "يس" "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أي أن الله تعالى هو الذي خلق هذا الشجر من ماء حتى صار أخضر ناضرا جميلا، ثم اعاده حتى صار حطبا يابسا توقد به النار.
باب الريح
توجد الباب وسط السور الموحدي الذي بني خلال القرن الثاني عشر على مقربة من المسجد الأعظم حيث يطل على الجهة الغربية للمدينة والمشرفة على وادي المضار والحقول والبساتين
التي كانت تساهم في تزويد المدينة بالخضر والفواكه. تقع هذه الباب فوق صخرة حجرية يصعب على الواقف تكهن وجود باب نظرا لصعوبة التضاريس واندثار الملامح الخاصة بهذه الباب التي لعبت دورا مهما في الربط بين المدينة العتيقة والجهة الغربية حيث كانت تدخل القوافل الآتية من فاس والنواحي لقد سميت هذه الباب بباب الريح نظرا للرياح الغربية القوية التي تهب على هذه الواجهة للأسوار
ويمكن ملاحظة ذلك خلال فصل الخريف والشتاء. وحسب الباحث الفرنسي فوانو (Voino) كانت قاعدة الباب على شكل مربع يعلوه طابقان مع العلم أن ولوج هذه الباب كان على شكل ممر ذي مرفق على غرار باقي الأبواب الأخرين لقد كان باب الريح يشكل المنفذ الوحيد على الواجهتين الغربية والشمالية لأسوار المدينة مما كان يمكنه من مراقبة الطريق المؤدية إلى فاس وكذا حماية عيون الماء والبساتين الموجودة بالمنخفض الأسفل للمدينة.
وحسب الحكايات الشعبية الشفهية تجزم بوجود هذه الباب خلال القرن التاسع عشر ومن المفترض أن يكون السلطان محمد الرابع قد مر بها سنة 1844م متجها إلى مدينة فاس (والله أعلم).
المسبح البلدي
تلكم المسبح البلدي، المعلمة التازية المتميزة الضاربة في القدم بفعل دورها الاجتماعي والرياضي والبيئي الذي طبع المجال العمراني بمدينة تازة.
من منا لا يتذكر المسبح البلدي والأبطال الذين ترعرعوا في احضانه، وكذا مياهه العذبة المنبثقة من منابع الأعين الأطلسية نذكر من بينها "عين النساء، حيث كان يعتبر هذا المسبح من بين أهم المسابح المغربية.
لقد شكل هذا المرفق الاجتماعي في وقت من الأوقات، بفعل الروابط التي نسجها مع ساكنة مدينة تازة المتنفس الوحيد في الترفيه والترويح عن النفس بفعل اندماجه في محيطه البيني بعيدا عن الضوضاء ودخان السيارات.